فـتآاة
مهـذبــة خـلوقة تحـمل فـي أعـمآاقـهآا خـصآالاً لـآا يـمكن أن يـمتلـكهآا
المـرء العـآادي فـي كـل الأحـيآان إلآا مـن استـقآامـ، تعـتني بـدروسـهآا
جيـداً و تـؤدي وآاجـبآاتـهآا عـلى الـوجهـ الأكـمل و تــؤدي العبـآادة
بكـل خــشوع و إيــمآان.
تـعطف
عـلى الصـغيـر و تحـترمـ الكـبيــر و تسـآاعـد العـآاجـز، حيـثـ إنـهآا
لآا تعـرف إلآا الـرحـمة و الصــدق و الخــلق الـرفيـع، فـلآا تـرفض
طـلبـاً مـن وآالديـهآا و لمـ يسـبق لـهآا أن فـعلتـ أي عمـل يـؤذي
الآخـريـن أو يـزعجـهمـ.
إنـهآا مـلآاكـ تلـكـ الفتـآاة الجميـلة الـتي يمـتزج فيـهآا جـمآال الـروح و الخـلق مـع الجـمآال الخـآارجـي البـريـئ.
مـلآاكـ
فـي السـآابعـة عشـر مـن عـمرهآا، و هـي الآن فـي السنـة الأولــى مـن
سلـكـ البكـآالـوريآا و تُعـتبر مـن المـتفوقـآاتـ و المـتميـزآاتـ فـي
مدرسـتهآا و بيـن صـديقـآاتهآا و لـدى معـلمآاتـهآا أيضـاً.
كـل
هــذهـ الصـفآاتـ الحــسنة التـي كــآانتـ تمتـلكهـآا مـلآاكـ هـي مـن
نِعَـمـ الله عليـهآا و كـرَمِهـ كـمآا كآانـتـ تقـول دومـاً، و لـكن
الـقدر لـمـ يـكن حليـفهآا و إلـى جـآانبهـآا فـي جميـع الأوقـآاتـ، فقـد
تعـرضـتـ مـلآاكـ فـي أحــد الأيـآامـ لحــآادثـ مـؤلمـ و هـي فـي
طـريـقهـآا إلـى المنـزل.
كـآانتـ
مـلآاكـ تمـشي عـلى الرصيــف فـي ذلكـ الشـآارع الطــويـل الذي يـؤدي إلـى
منـزلهـآا و لكـن الأقـدآار شـآاءتـ أن تنـزل عـن الرصيــف لتـمشـي علــى
يميـن الشـآارع حيـثـ أتـتـ سيـآارة يقـودهـآا شـآابـ مسـرع و ارتـطـمتـ
بـهآا.
فقـدتـ
مـلآاكـ وعيـهآا و سـقطـتـ أرضـاً، هـذآا آخــر شـيء كـآانتـ تـذكرهـ إلـى
أن فتـحتـ عيـنيهآا لتجـد نفـسهآا مسـتلقيـة عـلى ســرير، و يقـف إلـى
جـآانبـهآا وآالدهـآا و إخـوتهآا و عـلآامـآاتـ الاضطـرآابـ و القـلق علـى
وجـوههـمـ، و أختـآاهآا الصـغيـرتآان تبـكيـآان.
نـظرتـ مـلآاكـ لهـمـ و
لمـ تكـنْ قـد استـوعبتـ بعـد مـآا جـرى و قـآالتـ : مـآاذآا يجـري ؟؟
لمـآاذآا نحــن هنـآا ؟؟ هـبـَّ وآالدهـآا بسـرعة و قآال : لآا تقـلقي يـآا
ابنـتي، لـقد تعـرَّضتـِ لحـآادثـٍ بسيــط، و ســوف تكـونيـن علـى مـآا
يـرآامـ، أحـسَّتـ مـلآاكـ أن وآالـدهآا يخـفي شـيئـاً لآا تعـرفهـ ورآاء
تعـآابيـر وجـهـهـ القلـقة و نظـرآاتـ عيـنيهـ الحـزيـنة الكئـيبة. فـلمـ
تكـن وآاثـقة الثـقة الكـآافيـة بأنـهآا ستتـجآاوز هــذهـ الحــآادثة و
تخــرج مـن بـرآاثنهـآا بخــيرٍ تـآامـٍّ، و خــآاصة أنهـآا تعـرضتـ لكـسرٍ
فـي قـدمهـآا اليسـرى و جــرحٍ فـي وجـههـآا إضـآافة إلـى بعـض الرضـوض و
الكـدمـآاتـ الخـفيـفة فـي بقيـة جـسدهـآا.
خُرِّجـتـْ
مـلآاكـ بعـد أسبــوع مـن المشفـى و كـآانتـ قـد تحـسنتـ صحـتهآا نوعـاً
ما، فقـد سمـح لـهآا الطبيـبـ بالعـودة إلـى المنـزل بعـد أن طـلبتـْ منهـ
ذلكـ و بعـد أن شعـرتـ بالمـلل القـآاتل و الاشتيـآاق إلـى المـدرسة و
إلــى صديـقآاتهـآا اللـوآاتي زرْنَـهآا فـي المشـفى.
انـتقلتـ مـلـآاكـ
إلـى سـريرهـآا الدآافـئ فـي المنـزل و الجبيــرة مـآا تـزآال عـلى
قـدمهآا المكـسورة، أمـآا الضـمآاد الـذي يلُـفُّ وجـههآا فقـد أزآالهـ
الطـبيبـ قبـل عودتـهآا إلـى المـنزل.
فجـأة
انتـآابـ مــلآاكـ القـلق و الخــوف الغـآامض الذي لـمـ تجـدْ لهـ سبـباً
صـريحـاً، صـرختـ بأعـلى صـوتهآا تنـآادي أخـتهآا الصغـيرة : أعطيـني
المـرآة أريــد أن أرى وجـهي.
تـرددتـ الأخــتـ فـي البـدآاية و
تلـعثـمتـ فـي الكـلآامـ و مـلآاكـ مـآا تـزآال تطـلبـ منـهآا المـرآاة،
لكـن الأخـتـ لمـ تسـمع كـلآامهآا و ركـضتـ إلـى أبيـهآا بـآاكيـة تخـبرهـ
بمـآا جـرى.
تقـدمـ الأبـ إلـى غـرفة مـلآاكـ بكـل ثـقةٍ و قـوة
متـمآالكـاً أعـصآابهـ و حـآاملاً المـرآة بيـن يـديهـ، و قـآال : ابنـتي
العـزيــزة لقـد شـآاء الله أن تتـعرضي لذلكـ الحــآادثـ، و الحــمد لله
أنكـ خــرجتـ منـهـ سـآالمة، و لكـن الـقدر أرآاد أن تصـآابي بجـرحٍ بسيــط
شـوَّهـ أنـفكـ الجـميل بنـدبة صغـيرة، و لكـن لآا تقـلقي سـوف أقـومـ إن
شـآاء الله بعـد أن تـزيلي الجبيــرة عـن قـدمكـ بأخــذكـ إلـى المشـفى
لتـُjري عمـلية لـهـ ليـعود كـمآا كآان بالفعـل، و أعـدكـ أن الأمــر لـن
يكـلِّفكـ شـيئـاً.
صــرخـتـ
مــلآاكـ بشـدَّة : لآا أعطيـني المـرآة، و بعــد أن نظــرتـ إلـى وجـههآا
انفـجرتـ بالبكــآاء الشـديــد رآافـضة مــآا جـرى و عــآاجزة عـن
تصـديـقهـ إلـى أن هـدأتـ قليـلاً و غَفَتـْ فـي سـريرهـآا مـن شـدة
التعـبـ.
خــرج
أبـوهآا مـن الغـرفة تـآاركاً مــلـآاكـ تسـتسلمـ للنـومـ ليـعود إليـهآا
فـي الصبـآاح البـآاكـر، و يـُعيـد العـرْض عليـهآا بأنـهـ ســوف يـُجـري
لـهآا عمـلية التـجميـل و أنهآا ستـكون علـى مــآا يـرآامـ، و أن العمـلية
بسيــطة جـداًو سـوف تـُعيـدهآا إلـى جمـآالهـآا السـآابق، و لكـنهآا
رفـضتـ ذلكـ بشــدةٍ تـآامة.
مــرَّتـ
الأيـآامـ و عـآادتـ مـلآاكـ إلـى مدرستـهآا لتـكمل حيـآاتهآا الطبيـعيــة
و بشـكلٍ عــآاديٍّ جـداً، و لكـنَّ الأمرَ مخـتلف قليــلاً هــذهـ الـمرة
فقـد كــآان أنفـهآا مـُشـوَّهاً، غـير أن ذلكـ لمـ يــؤثِّرْ أبـداً فـي
خـُلُقهـآا و اسءتقـآامتهـآا و صـِدْقـهآا، حتـى أنهـآا صــآارتـ مضـرباً
للمـثل بالعــطف و عِـزة النـفس.
عــآاود
وآالـد مـلآاكـ عــرضَ فكـرة عمـلية التجـميل عليـهآا ظـناًّ منـهـ أنهـآا
خـآائـفة مـن الآلامـ التـي ســوف تسـببـُهآا العمـلية و هـو يـُجهِد
نفـسهـ فـي إقنــآاعهآا بأن الآلامـ سـريـعاً مــآا تـزول و تتـلآاشـى و
يعـود أنفـهآا صـغيـراً جميـلاً، و لكـنَّ مـلـآاكـ ظــلتـ مصرَّةً علـى
رفضـهآا وآاصــفة لأبيـهآا سببـَ تمـسُّكِهـآا بـرأيـهآا بـأن الجـمآال
ليـس جـمآال الشـكل و المـظهـر و الوجـهـ و إنـمآا هـو جـمآال الـروح و
الفـعل و العـمل الصـآالح ( ع قـولة هـشـآامـ )
و بأن مـآا جـرى لأنفـهآا هـو مـآا أرآادهـ الله لهـآا و هـي ليـستـ
مستـعدة لتغييـر قدَرِهـآا، و أنهـآا مقتـنعة كـآامل الاقتـنآاع بحـُكمـ
الله عليـهآا.اغـرَوْرَقَتـْ
عيـنآا الأبـ و كــآادتـ الدمـوع تذرف علـى خـدَّيهـ، و ضـمـَّ ابنـتهـ
إلـى صــدرهـ و قـآال : إن التفـآاحـة الجـميلة المظـهر و حـمرآاء اللـون
ليـستـ دآائـماً لـذيـذة المـذآاق و لكـن المضـمون هـو دآائـماً المطـلوبـ و
هـو دومـاً مـآا يكـون الأجـمل و الأروع، و أنتـِ كالتفـآاحـة اللذيـذة
التـي أُصيــبتـ فـي طـرفهـآا و لكـنَّهـآا بقيـَتـْ محـتفظةً بمـذآاقـهآا
الـحـلو فـي دآاخـلهآا.